لقد كرم الإسلام المرأة وأعلى شأنها ورفعها من وهدة الذل ومن مستنقع الرذيلة ومن حفرة الوأد وحقارة الشأن إلى مصاف الكرامة والعزة .. فهي أم .. الجنة تحت أقدامها .. وهي زوجة تعامل بالرفق واللين . (( ورفقاً بالقوارير يا أنجشة )) وهي ابنة وكافل البنت والبنتين والثلاث مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة كهاتين .. ويشير المصطفى صلوات الله عليه بأصبعيه كناية عن التلاصق والتلازم .. (( ومن ابتلي من البنات بشيء فأحسن إليهن كن له ستراً من النار )) رواه مسلم .
وهي مؤمنة قانتة قد أعد الله لها مثل ما أعد للمؤمنين والقانتين لافرق في ذلك بين ذكر وأنثى{فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ}(آل عمران: من الآية195)
{مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً }(النحل: من الآية97)
{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} (الأحزاب:35)
والتكاليف العبادية واحدة والطاعة لأمر الله وأمر رسوله واجبة على الذكر والأنثى . {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً} (الأحزاب:36) .
فإذا جاء الأمر من رسول الله خضعت له قلوب المؤمنين والمؤمنات .. وسارعوا لمرضاة الله ومرضاة رسوله ..
وإذا طُلب من زينب بنت جحش أن تتزوج زيداً أذعنت هي وذووها وهي المعتزة بنسبها – لأمر الله وأمر رسوله .. وإذا طلب من قوم أن ينكحوا فلاناً (( وهو جليبيب )) سارعت ابنتهم المخطوبة تقول لذويهم لا تردوا أمر رسول الله ... قد قبلت . وترتفع مكانة المرأة حتى لترد على أبيها نكاحه لأنها لم تأذن فتذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول : إن أبي أراد أن ينكحني إلى ابن أخيه ليرفع بي خسيسته .. فيرد الرسول الأمر إليها فتقول أنها قد رضيت وأنها قد فعلت ذلك ليعلم الآباء أنه ليس لهم أن يجبروها على الزواج ( أخرجه أبو داود وأحمد والنسائي وابن ماجة ) .
وهي مساوية للرجل في الحقوق والواجبات .. ولها كامل الحرية في التصرف في مالها ...
يقول الأستاذ العقاد في كتابه القيم المرأة في القرآن :
ومعاملة الحقوق دستورها الجامع أن الرجل والمرأة سواء في كل شيء .وأن النساء لهن ما للرجال وعليهن ما عليهم بالمعروف ثم يمتاز الرجال بدرجة هي درجة القوامة التي ثبتت بتكوين الفطرة وتجارب التاريخ وليس في هذا الامتياز خروج على شرعية المساواة حين تقضي المساواة بين الحقوق والواجبات.. وكل زيادة في الحق تقابله زيادة مثلها في الواجب فهي المساواة العادلة في اللباب )) .
(( ومعاملة النسب دستورها في القرآن الكريم إجلال الأمهات وصيانة البنات عن الجناية على حياتهن والكراهية لمولدهن وتربيتهن . وإحلال الزوجات محل الأزواج في السكن والمأوى فلا يعزلن بمكان دون مكانهم ولا يسومهن الرجل أن يقمن حيث يأبى يقيم مع ذويه من الرجال .
ومعاملة الأدب تلخصها في القرآن الكريم كلمتان : المعروف والحسنى فليس في هذا الكتاب المبين كلمة تنص على معاملة للمرأة في حالي الرضى والغضب وفي حالي الحب والجفاء وفي حالي الزواج والطلاق لم يصحبها التوكيد بعد التوكيد بوجوب المعروف والحسنى وإنكار الإساءة والإيذاء .
والأساس الذي تبنى عليه هذه المعاملات أهم في الدلالة على روح التشريع من الأحكام والنصوص فهو أساس قوامه الاعتراف بالحق لأنه حق وتقديره ميزان الواجب لمصلحة المرأة ومصلحة الأمة ومصلحة النوع غير منظور فيه إلى قوة الطلب أو قوة الإكراه على قبوله وغير ملحوظ فيه أنه ترويج لدعوة من دعوات السياسة أو ضرورة من ضرورات الإدارة الحكومية في ظرف من ظروف الحرج والمداراة . ودستور المعاملة القرآنية للمرأة هو دستور المرأة الخالدة في وظيفتها النوعية ووظيفتها التي يصلح عليها البيت والمجتمع ما استقام نظام البيت ونظام الاجتماع )) .